responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 83
[سورة النور (24) : آية 64]
أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (64)
يخبر تعالى أنه مالك السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَأَنَّهُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَا الْعِبَادُ عَامِلُونَ فِي سِرِّهِمْ وَجَهْرِهِمْ، فَقَالَ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وقد لِلتَّحْقِيقِ، كَمَا قَالَ قَبْلَهَا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً وَقَالَ تَعَالَى: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ [الأحزاب:
18] الآية، وَقَالَ تَعَالَى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ [المجادلة: 1] الآية، وَقَالَ قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [الْأَنْعَامِ: 33] وَقَالَ قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ [البقرة: 144] الآية، فكل هذه الآيات فيها تحقيق الفعل بقد، كقول الْمُؤَذِّنُ تَحْقِيقًا وَثُبُوتًا: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ. فَقَوْلُهُ تَعَالَى: قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ أَيْ هُوَ عَالِمٌ بِهِ مُشَاهِدٌ لَهُ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ.
كَمَا قال تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ- إلى قوله- إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [السجدة: 217- 220] وقوله وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [يُونُسَ: 61] وَقَالَ تَعَالَى: أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ [الرَّعْدِ: 33] أَيْ هُوَ شَهِيدٌ عَلَى عِبَادِهِ بِمَا هُمْ فَاعِلُونَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ.
وَقَالَ تَعَالَى: أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ [هُودٍ: 5] وَقَالَ تَعَالَى: سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ [الرعد: 10] الآية، وَقَالَ تَعَالَى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ [هُودٍ: 6] وَقَالَ وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الْأَنْعَامِ: 59] وَالْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَقَوْلُهُ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ أَيْ وَيَوْمَ تُرْجَعُ الْخَلَائِقُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا أَيْ يُخْبِّرُهُمْ بِمَا فَعَلُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ جَلِيلٍ وَحَقِيرٍ وَصَغِيرٍ وكبير، كما قال تعالى: يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ
[الْقِيَامَةِ: 13] وَقَالَ وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لَا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً [الْكَهْفِ: 49] وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين ونسأله التمام.
آخر تفسير سورة النور ولله الحمد والمنة.

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلميه نویسنده : ابن كثير    جلد : 6  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست